عظيم هو الله تعالى والشرعة التي يريد للبشر اتباعها عظيمة أيضاً، وليس هناك أعظم من أن يجعل الله رضى الوالدين وبرهم من العبادات المقرونة بتوحيد رب العالمين، وهي أعظم العبادات كلها، بل إن الشرك بالله تعالى وهي أعظم ذنب عصى الإنسان فيه الله تعالى، قرنه الله تعالى بعقوق الوالدين، وهذا يدل على أن عبادة بر الوالدين ذات حظوة كبيرة عند الله تعالى، وأن الله يبغض العاق لبر الوالدين، ولأهمية هذه المسألة العظيمة فقد ورد ذلك الأمر في القرأن الكريم، وفي السنة النبوية، وكذلك في الكتب الفقهية، وقد اجتهد العلماء والمصنفون والمدونون في المواقع والصفحات في الكتابة عن بر الوالدين، وهذا موضوع تعبير عن بر الوالدين وفضل البر، من بين هذا الزخم المنثور عن هذا الموضوع الجميل.

مقدمة عن بر الوالدين

لما خلق الله الخلق وأسس الحياة بين الناس جعل أصل النسل الأب والأم، وحرض على البر بهما وعظم من شأن بر الوالدين، ورتب على ذلك السعادة في الدنيا والنجاة في الآخرة، فالأم هي الحضن الدافئ الذي لا يعاد دفئ حضنها مكاناً آخر، كما أن الأب الجدار الذي يستند لها الإنسان عند المدلهمات، وإن عضت الخطوب  الطفل الصغير أو الصبي أو الشاب فلن يجد له بعد الله إلا الأب والأم، ليلوذ بهما ويعود إليهما ويطلب دعائهما مفتاح الأبواب الموصدة.

أهمية بر الوالدين

بر الوالدين وطاعتهما أو السير على طريق رضاهما فيما لا يخالف دين الله من الأمور العظيمة، ذات الأهمية البالغة، ومن أهمية ذلك:

تحصيل رضى رب العالمين الذي أمر بطاعتهما والبعد عن معصيتهما فقد قال (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيراً* رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأوَّابِينَ غَفُوراً).

البعد عن ذنب من أعظم الذنوب وهو عقوق الوالدين وذلك من الأمور الهامة عند الله، كما قال الله (قلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ  أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا  وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا  وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ  نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ  وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ  وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ  ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)، وقال صلى الله عليه وسلم (ألا أنبئكم بأكبرِ الكبائر؟ ثلاثًا: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور، أو قول الزور).

رد جزء من الشكر للوالدين مقابل ما قدماه للإنسان منذ خلقته وحتى اشتد عوده وهذا من حقوقهم على الإنسان، بل لن يستطيع الإنسان الوفاء للوالدين ولو بذل كل شيء، فقد قال صلى الله عليه وسلم (لا يَجزي ولدٌ والدًا، إلا أن يجده مملوكًا فيشتريه فيعتقه)

خاتمة عن بر الوالدين

فرض الله تعالى بر الوالدين وجعل عقوقهما من الأمور العظيمة فلا يجدر بالإنسان التسبب في هلاك ذاته بمعصية الله تعالى، وعقوق من كانوا أصلاً في خلقته، وهذه من الأمور المتحتمات في الشريعة الإسلامية المطهرة التي لا يقوم المسلم بمراد الله تعالى منه دون أن يكون محققا لبر الوالدين.